You are currently viewing ابن القيم العالم والفقيه والمحدث والمفسر وسيرته العطرة

ابن القيم العالم والفقيه والمحدث والمفسر وسيرته العطرة

الفقيه المحدث والمفسر العالم ابن القيم الجوزية، أحد أهم شيوخ المذهب الحنبلي، فقد نشأ وتربى على هذا المذهب، فقد كان والده أبو بكر بن أيوب الزرعي أحد القائمين على مدرسة المذهب الحنبلي، فسوف نتعرف معكم اليوم في هذا المقال عن سيرة حياة هذا العالم الجليل.

ابن القيم

هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زين الدين الزرعي الدمشقي الحنبلي.

سمي زرع نسبة إلى بلدة تسمى زرع وفي يومنا هذا تسمى إزراع، فقد ورد في كتاب “التاج المكلل” للمؤلف صديق خان القنوجي أن نسبته الدرعي، وقال بكر بن عبد الله أبو زيد:أن هذا خطأ ولعله تطبيع، كما ورد في كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير: أن نسبة والده الذرعي ويقول أبو زيد أن هذا أيضًا خطأ.

فقد عرف عن أبو عبد الله شمس الدين بلقب ابن القيم الجوزية، وأيضًا لقب ابن القيم، واتفقت مصنفات التراجم أنه لقب بهذه الألقاب لأن والده أبا بكر بن أيوب كان قيمًا على المدرسة الجوزية، التي كانت في دمشق لفترة من الوقت، فلقب بقيم الجوزية، ومن بعده اخذت عائلته هذا اللقب، والأمر المنتشر في يومنا هذا والذي كان كذلك عند بعض المحدثين المتأخرين كابن حجر العسقلاني، وجلال الدين السيوطي،أن اسمه ابن القيم.

مولده

اتفقت مصنفات التراجم على أن الإمام أبي عبد الله شمس الدين ولد في السابع من صفر لعام 691 من الهجرة الموافق 1292 ميلادي، كما قال صلاح الدين الصفدي في كتابه “الوافي بالوفيات” وقد أيده في ذلك الإمام الداودي، وجلال الدين السيوطي، تغري بدري.

لم تذكر كتب الترجمة محل ولادته بالتحديد هل في دمشق أم إزرع، ولكن ذكر ذلك عبد الله بن مصطفى المراغي في كتابه “الفتح المبين في طبقات الأصوليين” أنه قد تمت ولادته في دمشق، وقد قال أبا بكر بن عبد الله أبو زيد أن المؤلفين اجتمعوا على أن والد ابن القيم يسمى الزرعي الأصل ثم الدمشقي، ومن هنا أيدوا رأي أنه ولد في دمشق.

وقد كان ابن القيم عالمًا عاملًا بعلمه لا يخشى في الله لومة لائم، وكان يحب الله ورسوله وكرس نفسه في خدمة دين الله عز وجل وكان حسن الخلق وجميل الطباع.

علم ابن القيم

بدأ الإمام ابن القيم في طلبه للعلم في سن صغير وتحديداً في السابعة من عمره، وكان يقول عنه المؤرخون أخذ العلم من عدد كبير من العلماء، منهم والده أبو بكر بن أيوب فسمع منه الفرائض، و سمع من ابن عبد الدائم وقد أخذ التفسير وعلم الفرائض، وعلوم الحديث وأصول الفقه وأيضًا علم الكلام، من الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيميه، وقام بمرافقته منذ أن جاء إلى دمشق في عام 712 من الهجرة الموافق 1313 ميلادي، واستمر بملازمته سبعة عشر عام حتى توفاه الله في عام 728 من الهجرة الموافق 1328 ميلادي، وقال صلاح الدين الصفدي في كتابه أن ابن القيم قرأ على ابن تيمية (قرأ عليه قطعة من المحرر لجده المجد وقرأ عليه من المحصول) وقال السيف الآمدي في كتابه الأحكام: (قرأ عليه قطعة من الأربعين والمحصل وقرأ عليه كثيرًا من تصانيفه).

أقوال بعض العلماء عنه

  • الإمام ابن القيم هو أحد أهم المحدثين والفقهاء و امام العلماء في عصره, فقد قال عنه الإمام ابن رجب (أنه تفقه في الدين وبرع، وأفتى ولازم الشيخ تقي الدين، وأخذ عنه، وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفًا بالتفسير، لا يجاري فيه، وبأصول الدين وإليه فيه المنتهى، وبالحديث ومعانيه، وفقهه ودقائق الاستنباط منه لا يلحق في ذلك و بالفقه وأصوله والعربية وله فيها اليد الطولى، ويعلم الكلام وغير ذلك الكثير، كما كان عالما بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشارتهم، ومتونه وبعض رجاله) وقد قال أيضًا عنه (ما رأيت أوسع منه علما، ولا أعرف بمعاني القرآن، والحديث والسنة و حقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم ولكن لم أرى في معناه مثله).
  • وقال عنه ابن رجب أيضًا أنه :(كان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى النهاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشرف بالمحبة، والإنابة والإفتقار إلى الله تعالى، والإنكسار له والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله قبل ذلك).

وقيل عنه ايضا:

  • كما قال عنه الإمام ابن كثير وهو من أهم أصحابة (كان حسن القراءة، والخلق كثير التودد، لا يحسد أحد ولا يؤذيه ولا يستغيبه، ولا يحقد على أحد، وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثيراً من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع، ولا ينزع عن ذلك رحمه الله).
  • وقال عنه الحافظ بن حجر العسقلاني (لو لم يكن للشيخ تقي الدين بن تيمية من المناقب إلا تلميذه الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة، السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدلالة على عظمة منزلته).
  • كما قال عنه ابن كثير أيضًا:(لما عاد الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات، فأخذ عنه عامًا جما، مع ما سلف من الاشتغال، فصار فريدًا في بابه في فنون كثيرة، مع كثرة الطلاب ليلًا ونهارا، وكان كثير الابتهال).

إنجازاته في خدمة الإسلام

إن الإمام ابن القيم له الفضل الكبير في نشر العلم والدين، حيث ألف الكثير من المصنفات القيمة والنافعة، فكان له مكانة كبيرة في زمانه، فيذكر المؤرخون أن كثيراً من الناس أخذوا العلم على يده، وبسبب ذلك ذاع سيطه بجانب الإمام أحمد ابن تيمية، في الكثير من البلدان المتفرقة التي ذهب إليها في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

مشى ابن القيم على خطوات ابن تيمية في العقيدة، وأيضًا كان له أقوال معينة في أصول الفقه وعلوم الحديث وغيرها من مسائل مختلفة، وعرف بتصانيفه في العقيدة والتزكية والفقه والنحو والتفسير.

كان الإمام ابن القيم بارعًا في علوم اللغة فكان يمتلك موهبة الشعر فعرف له الكثير من القصائد الشعرية.

لقد ذهب إلى تأدية فريضة الحج مرات عديدة، وجلس بجوار مكة ينشر العلم وينشر دين الله عز وجل، وقد تعجب كثيرًا أهل مكة من كثرة طوافة وشدة عبادته.

قال أصحاب التراجم عن الإمام أنه تولى التدريس في المدرسة الجوزية يقول ابن كثير عنه (هو إمام الجوزية وابن قيمها) وذكر ابن كثير أيضاً في حكاياته للأحداث التي جرت في سنة 736 من الهجرة،  خطابة ابن القيم في مسجد من مساجد دمشق، فقال (وفي سلخ رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين ابن خليخان تجاه باب كيسان من القبله، وخطب فيه الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية )وأورد ابن بدران أن ابن القيم هو من أول من خطب بهذا المسجد.

مؤلفات ابن القيم

قد ألف الإمام أبي عبد الله شمس الدين ابن القيم الكثير من المصنفات القيمة الغنية بالعلم النافع نذكر منها مايلي:

  • مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
  • زاد المسافر إلى منازل السعداء في هدي خاتم الأنبياء.
  • حل الأفهام في ذكر الصلاة والسلام على خير الأنام.
  • زاد المعاد في هدي خير العباد.
  • تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته والكلام على ما فيه من الأحاديث المعلولة.
  • شرح أسماء الكتاب العزيز.

بعض شيوخه

لقد أخذ الإمام بن القيم العلم عن كثير من العلماء وسمع منهم الأحاديث ونهل من علمهم الكثير، سنذكر من أهمهم ما يلي:

  • تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام المعروف بابن تيمية.
  • الشهاب العابر أحمد بن عبد الرحمن النابلسي.
  • إسماعيل أبو الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي.
  • أيوب زين الدين بن نعمة الكحال.
  • علاء الدين الكندي الوداع.
  • محمد بن شهوان.

قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة

تلاميذه

لقد تتلمذ على يده الكثير من طلاب العلم وسمعوا منه وأخذوا من علمه ومن أهمهم ما يلي:

  • الحافظ إبن رجب الحنبلي.
  • مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي.
  • زين الدين علي بن الحسين بن علي الكناني الحنبلي.
  • صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي.
  • محمد بن محمد بن محمد بن الخضر الغزي الشافعي.
  • محمد بن محمد القرشي المقري التلمساني.

قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )

وفاة ابن القيم

توفي طيب الله ثراه في الثالث عشر من شهر رجب لعام 751 من الهجرة وتم دفنه في دمشق.

وفي الخاتمة فقد قدمنا لكم في هذا المقال بعض المعلومات البسيطة عن الإمام الجليل العالم المحدث الفقيه شمس الدين بن القيم، وعن حياته ومؤلفاته وفضله على طلابه، وفضله الذي وصل إلينا في يومنا هذا والله اعلم.

قد يهمك أيضا: سعيد بن المسيب ( نسبه – طلبه للعلم -انجازاته – وفاته)

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

المصدر 3

مصدر 4

مصدر 5

المصدر 6

مصدر 7

مصدر 8

مصدر 9

اترك تعليقاً